الخروج من دائرة الاكتئاب

الخروج من دائرة الاكتئاب

بكثير من الشفافية صرح د. عبد الغفار وزير التعليم العالي “إحنا مش 14 ألف حالة، إحنا 71 ألف حالة، نتوقع على آخر الشهر نوصل لـ100 ألف؛ ونسبة الوفاة 680 منذ البداية، أي 4.8%”.لا أعتقد أن كثيرًا من الناس قد تابعوا التصريح لأنهم في انتظار الفرج وعودة الأعمال بدءً من العامل (الزهورات، المؤقت، الأرزقي الذي يأكل من عرقه مباشرةً، وعيش اليوم بيومه)، إلى أصحاب المحال التجارية وغيرها. هنا قد يستوعب البعض هذا الأمر متمتمًا (الحمد لله.. إحنا أحسن من غيرنا)، وقد يقع البعض الأخر في دوامة الاكتئاب كمرض، ربما لحساسيته أو لشدة الضغوط عليه، أو لأن لديه تاريخًا سابقًا مع إضطرابات المزاج.قد يحس المُكتئب بعدم الاستمتاع بأي شيء، لا أكل ولا جنس، لا مشاهدة ولا مشاركة، كما ينتاب المريض إحساس قاسٍ باليأس والقنوط، مما قد يدفعه إلى (تمني الموت) أو التفكير في قتل النفس.هناك من يبكي (بحرقة) دون سبب، لتكبر حوصلة الحزن المرضى داخل صدره وتتورم.وقد يعاني من اضطرابات النوم، إمّا النوم كثيراً، أو عدم القدرة على بدء النوم، أو الاستيقاظ مبكراً جداً، دون تمكن من العودة إلى النوم، أو النهوض عدة مرات من الفراش والتقلب، أو النوم غير المشبع أو العميق، كما في معظم الأحوال، فيصبح المريض إما (تعبان، مرهق)، أو (يشكو من أنه لم ينم إطلاقاً). عدم القدرة على التركيز، ومن ثمّ لا يسجل في بنك ذاكرته أي شيء؛ فيجد نفسه ضعيف الذاكرة، ويهيأ له أنه مُصاب بتلف في المخ أو الزهايمر.اضطرابات تناول الطعام: إما (سدّة نفس) كاملة وفقدان في الوزن، أو الأكل بشراهة شديدة دون أدنى إحساس بطعم الأكل أو بالتلذذ به، مما قد يؤدي إلى زيادة مرضية في الوزن. كذلك فقدان الرغبة الجنسية تماماً، بل والقدرة على الانتصاب في بعض الحالات، أو خفوتها والأداء الجنسي السيئ (كالواجب ويسمَّى ذلك فقدان الــ Libido أي الطاقة النفسية الجنسية. الإحساس بالتعب عند بذل أقل مجهود أو دون أي حركة، وفقدان للطاقة (لذلك اعتبر الاكتئاب هدراً للطاقة والوقت، ومدمر للطاقة الإنتاجية مؤثرًا بذلك على الإنتاج المحلي). المكتئبون عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بالألم، حتى لو كانت له أسبابه العضوية وأشهرها آلام أسفل الظهر والصداع المزمن. على الرغم من أننا (معشر الأطباء النفسيين)، يحلو لنا أن نتسرع بالإعلان في الإذاعة والتليفزيون وكافة وسائل الإعلام، عن أن الاكتئاب (مرض) له (أسبابه الكيميائية)، ولا يعالج إلاّ بالعقاقير (فقط) أو جلسات تنظيم إيقاع المخ (BST). فهناك المدرسة الاجتماعية البحتة التي ترى أن ظروف الحياة وتعقدات البيئة المحيطة سببًا رئيسيًا، بمعنى الصدمات، الفقر، المرض العضوي، كلها تؤدي إلى تعكر كيمياء المخ العصبية، كما (يتعكر زيت موتور العربية)، أو كما تضع نقطة حبر سوداء في كوب ماء رائق فيسْوَد لونه، ويقال أن مضادات الاكتئاب (وهذا حقيقي) لها مفعول السحر في تنقية (زيت موتور العربية)، أو كالشبّه تنقي الماء وتعيده صافياً مرة أخرى، على أن تكون تحت إشراف الطبيب النفساني، ومع جلسات العلاج النفسي العميق والمعرفي السلوكي الذي يعلمك فن اصطياد الأفكار السلبية (تلك التي تسبب مزاجًا سوداويًا( وعقلنتها، مع البوح الحُر لما ألمَّ بك زمان والآن.تظل الأسئلة عالقة: لماذا يصحو بعض الناس صباحاً وهم (زي الفل) (خفّوا) من (الاكتئاب)، أو أمراض أخرى، ما هي أسرار الجهاز المناعي، الواقع تحت تأثير الجهاز النفسي والغدد بمركز المخ؟ أسئلة كثيرة جداً، وإجابات أكثر ندرة.

د.خليل فاضل في صحيفة المصري اليوم الجمعة 29 مايو 2020